الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

في ذكري رحيل الأبنوسية الفنانة سارة بن جمعة

في ذكري رحيل الأبنوسية الفنانة سارة بن جمعة
الحُزن خيَّم على جمهورها وغياب تام لوسائل الاعلام
كوات بشير دينق
في حفل تأبين الفنانة والراقصة (سارة بن جمعة)، أمسية الجمعة الموافق 31/7/2010، كنت ضمن الحضور، تأثرت حينها أشد التأثير لعدم وجود الصحفيين لتغطية الحدث المهم لتوثيقه، الشيء المؤسف إن المبدعين من جنوب السودان دائماً يرحلون سراً، فالصحافة السودانية تغض الطرف عنهم، مما يعني الغياب التام لتوثيق إعمال وحياة هؤلاء المبدعين الذين ساهموا وخاطبوا وجدان الشعب السوداني، إن ذلك الأمر يعتبر كارثة كبيرة وفقد كبير على الأجيال القادمة، وهذه الراحلة الخلوقة (سارة بن) بكاها بحرقة مركز عماوس والجماهير الفنية الجنوبية، ونسبة للحزن العميق والألم الذي تركته في قلوبنا.. الأمر الذي جعلني أسطر حروفاً في حقها، ستبقى قريبة إلى نفسي وعقلي ولم أجد حروفاً بين حروفي أفضل من التعبير عن المشاعر، فحروف ما كتبت هي تعبير عن حزن على رحيل الفنانة سارة. عندما جلست في مكتب مركز عماوس مع الأخت الراحلة اكتشفت أنها ولدت عام 1988م في منطقة الحاج يوسف ودخلت مدرسة جونقلي لمرحلة الأساس، وفي عام 2008م التحقت بمجموعة عماوس الثقافي كفنانة أو راقصة بالفرقة، وفي عام 2006 تزوجت من المواطن السوداني (دفع الله عبد الرحمن) واختارها الله إلى جواره يوم 27/2/2010م، وتركت طفلين رمزي واسونتا، تناولت الراحلة الغالية من خلال غنائها مختلف القضايا الوطنية وهموم الشعب والمهمشين، كانت الراحلة العزيزة مساهمة فاعلة ومشاركة نشطة في الحركة الثقافية السودانية من نعومة أظافرها غيورة على وطنها مدافعة عن حقوق المهمشين، كانت عادلة في معاملتها للناس ومنصفة بينهم بدءاً من أسرتها ووصولاً للفضاء العام، تخاف أن تظلم أو تغمط حق أحد، فهي تخاف الله كثيراً ولا تقدم على فعل لا يرضي ضميرها أو يغضب الخالق، لم تكن الراحلة تميز في صداقاتها أو علاقاتها الاجتماعية بين مسيحي وأية ديانة أخرى، كانت مسيحية متدينة تقرأ الإنجيل يومياً، والغالية الراحلة إمرأة أسطورة جديرة بالاحتفاء والاحتفال من النادر أن يتكرر أمثالها، فهي جديرة بأن تكون قدوة يحتذى بها نقتفي أثرها ونتعلم منها الدروس ونأخذ منها العبر، وليتنا نتحلى بأخلاقها ونمتثل صفاتها ونسلك طريقها. رغم رحيلها عنا ومغادرتها المفاجئة لنا عندما عرض شريط فيديو تم تصويره في أحد معسكرات النازحين في أطراف ولاية الخرطوم أثناء رقصتها كانت مشرقة ومتألقة، وإن الملاحظ لرقصتها كأنها تودع الجماهير المهمشين بالساحة الفنية، إنها رقصت رقصات محبوبة لديها خاصة رقصات قبائل الشلك والدينكا والنوبة وإذا ما ذكر لك قد لا تصدقه، رأيت بأم عيني نزول دموع من عيون الجماهير التي احتشدت في الساحة (مركز عماوس) وسقوط عدد كبير من أصدقائها وصديقاتها، وهذا دليل آخر أن الحركة الثقافية تنظيم ثقافي كبير تتعامل معه الجماهير في كل بقاع السودان، وهذا معناه أن برحيل سارة بن سيواجه مركز عماوس الثقافي تحديات كبيرة، ولكن لوحة جميلة تثير الفرح والحزن في غمرة الحزن والألم رسمتها والدة الراحلة عند صعودها منصة تسليم صورة ابنتها الراحلة، ظلت واقفة فترة من الزمن وهي تغطي وجهها بالصورة وتلوح بالصورة إلى الجمهور، ويعني ذلك هدية بسيطة ولكن غالية عند والدتها، رحلت الأبنوسة الصارخة في الزمن الذي يحتاج فيه السودان إلى أمثالها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق