الخميس، 26 أغسطس 2010

المُثقّف الإلكترُوني.. هل له تأثير على المجتمع؟

تقرير: هشام الطيب
عبر مُحرِّك البحث "قوقل"، وما أن تكتُب كلمتَي "مُنتديات سودانيّة" و تضغط على زرِ الإدخَال حتى تتدفق أمامكَ أعداداً مهولة من الصّفحَات التي تحملُ أسماءً لمنتدياتٍ سودانيّة مختلفةً في اهتماماتها وتخصّصاتها، وبضغط زِر الإدخال على أي عنوان من تلك المُنتديّات ستجد نفسك تتجوّل داخل صفحات حواريّة مقسّمةً - في الغالب - من الداخِل إلى أقسام عديدة، وستجد أنّ الأكثر فاعليّة منها هي الأقسام السياسيّة، الثقافيّة، الرياضيّة، وما أن تدخُل إلى أحد تلك الأقسام حتى تجد أنه متخمٌ بالمواضيع والـ"بوستات" التي تَطرح في مضمونها قضايا وأفكاراً عديدة، بعناوين متداخلة؛ وستجد أنّ الحوار داخل "البوست" به كميّة ضخمة من التعليقات لأشخاص/ أعضاء/ مسجلين بالمنتدى الإلكتروني، فالكُل قد وجد مكاناً يطرح من خلاله أفكاره، رؤاه، مواضيعه، دون عناء، وبضغطة زر يمكنه أنّ ينشر آلافاً من المواضيع والأطروحات في شتى المجالات، لكن ثمة أسئلة كثيرة ستجول بذهنك وأن تقرأ في تلك المواضيع والتعليقات أولها: هل لهذا النقاش الإلكتروني فاعليّة مؤثرة ؟ وهل هؤلاء المثقفين الإلكترونيين قادرون على إدارةِ حوارٍ فعّال؟ وهل لهم القدرّة في التأثير بأطروحاتهم هذه على المجتمع؟ وكما مهولاً آخر من الأسئلة التي ستأتيك تباعاً.
فالمنتديات الإلكترونيّة التي يتواجد بها المُثقّف الإلكتروني المقصود هي عبارة عن مواقع تفاعليّة مجانيّة، مفتوحةً للجميع زوار شبكة الإنترنت، إذ يحصُل المشترك فيها على كلمة مرور واسم عضويّة، يختارها بنفسه، وبعدها تتاح له جميع خصائص المنتدى والتي تتمثل في إمكانيّة الحوار ومناقشة الأفكار المطروحة وإدراج المقالات بشكل مباشر.
والمتابع للساحة الإلكترونيّة في هذه الأيام يجد أنّ هذه المنتديّات قد أصبحت في ازديادٍ بصورةٍ كبيرة، يُصاحبها ازدياد في عدد أعضاءها، فعلى حسب موقع إحصائيات المواقع العالمي "أليكسا" نجد أنّ هنالك منتديات سودانية يبلُغ عدد أعضائها أكثر من عشرة ألف مشترك؛ الشيء الذي يقودنا لمعرفة ما إذا كان لتلك الأرقام الهائلة من الأعضاء تأثيراً على نطاقات المُجتمع.
سألنا عابد ضرار، مُدير منتدى إلكتروني على الإنترنت، عن ما إذا كان هنالك تأثير للمثقف الإلكتروني، وعن الكيفيّة التي يؤثر بها ذلك المُثقف على المُجتمع، فقال:( المُثقّف التفاعلي أو الإلكتروني يمكنه أن يصنع لنفسه قاعدة داخل الوسط الإلكتروني الذي يتواجد فيه، سواء كان ذلك في منتدى أو في صحيفة إلكترونيّة، أو غيرها من المنابر الإلكترونية الموجودة على الإنترنت؛ ومن خلال تلك القاعدة يستطيع أن يبثُ أفكاره ومشاريعه لمن هُم حوله، من قراء مثلاً أو مشاركين إلكترونيين، وبالتالي يمكنه أن يُصبح مؤثراً فيهم بالأطروحات وهذا التأثير يُصيب المجتمع بصورةٍ غير مباشرة) وأبان ضرار أنّ كثيراً من الأطروحات الإلكترونيّة قد كان لها تأثيراً كبيراً في قطاعات المجتمع، وقال:( على سبيل المثال، طُرحت في منتدى مُبدعون الإلكتروني عدداً من المُبادرات الإنسانيّة، والثقافيّة، وهي مبادرات صادرة من قبل مثقفون إلكترونيون وأصبحت هذه المبادرات واقعاً ملموساً أكثر من كونها أطروحة إلكترونيّة، وبالتالي فقد غطت جزءاً كبيراً من احتياجات قطاعات واسعة في المجتمع)، وواصل قائلاً:( يُمكن القول أنّ المثقفون الإلكترونيون أحياناً يكون تأثيرهم أكبر من مؤسسات مُناطٌ بها التأثير والتعبئة في المجتمع؛ فقبل وقت من الآن كان لأعضاء منبر سودانيز أونلاين تأثيراً كبيراً على الشارع السُوداني ذلك عندما قاموا بتعبئة جماهيرية واسعة جراء الاعتداء الأمني اللبناني على بعض أفراد الجالية السودانية هناك، وقد شملت تلك التعبئة شرائح واسعة من فئات المُجتمع، في حين عجزت الخارجية السودانية عن القيام بذلك، وهذا يوضح لنا أن للمثقفين الإلكترونيين في السودان تأثيراً فاعلاً على المُجتمع بقطاعاته المختلفة).
لكن لعاصم الحاج السّر، رأيٌ آخر حول تأثير المُثقّف الإلكتروني على المجتمع، إذ يقول:( للمثقف الإلكتروني تأثير، لكن ذلك التأثير نجده في الغالب تأثيراً لحظياً فقط، ولا يستمرُ لفتراتٍ طويلة؛ إنما يزول بزوال الحوار الإلكتروني في "البوست"؛ إذ يكتفي المُثقّف الإلكتروني بالتنظير وبإطلاق الكلمات و العبارات المثاليّة التي لا يجد صعوبة على الإطلاق في قولها ولكنه لا يستطيع أن يعمل ويُنفِّذ أجزاء صغيرة منها إلا ما ندَر في حالاتٍ قليلة؛ لذا فهوّ في الغالب غير مُؤثر بصورة كبيرة داخل المجتمع الواقعي، لكن ربما يمتد تأثيره داخل ذلك العالم الافتراضي بصورة كبيرة، وعدم التأثير ذلك نتج عن خاصيّة السمة التفاعلية في شخصية المثقف الإلكتروني السوداني التي نجدها في الغالب مجافيّةً للواقع الحياتي المُعاش) ويواصل الحاج قائلاً:( وكمثال لهذا الحديث يمكن النظر إلى عدد أعضاء المنابر الإلكترونيّة اليوم ستجد أنّ غالبيتهم سودانيّون مهاجرون في دولٍ بعيدة، بمعنى أنّهم بعيدون كُل البُعد عن ما يدور في السّاحة السّودانيّة، لذا فإنّهم يفترضون في أطروحاتهم الإلكترونيّة عن قضايا الوطن مثلاً افتراضات يصعُب أن تلامس حقيقة الذي يدور في السُودان) وأشار الحاج إلى أنّ طرح المثقف الإلكتروني السوداني على المنتديات الإلكترونيّة هو مجرّد ونسة ليس إلا قائلاً:( بعضاً من أولئك المثقفون الإلكترونيون السودانيون يشبعون نقصهم الحواري والفكري من من خلال الإنترنت، باعتباره نافذة مفتوحة للطرح، ثم يتبادلون النقاش بأسلوب غير جاد، دون أن تحسْ بفاعلية في الطرح، أما الآخر منهم فهم شريحة المهاجرين الذين يبحثون عن من مجتمع سوداني إلكتروني من أجل الونسة لا أكثر).
هذا فيما يرى بعض المهتمين أن ازدياد عدد المنتديات الإلكترونيّة السودانيّة من شأنه أن يؤدي إلى ضُعفٍ وتكرار في المادةِ المطرُوحة بها؛ كذلك يعمل على استهلاك المواضيع وإفقارها من قيمتها الحواريّة؛ ذلك من خلال المهاترات التي تدور بين الكثيرين داخل مواضيع تلك المنتديات، كما أنّ للبعض رأياً حول كثرة المنتديّات الإلكترونيّة قائلين أنّها قد تُصبح خصماً على المُثقفين في حال انجرافهم وراء الكم الهائل من السلبيات التي تدور في أروقتها، وهي بذلك ستفقد تأثيرها الذي وصفوه بأنّه – حتى الآن- لا يزال ضعيفاً جداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق