الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

فولكلور ومدونات

مثل وحكاية
حُكم أب تكُّو
الاسم لطائر صغير الحجم له منقار طويل قوي وذنب أخضر طويل، ولهذه الخضرة التي في ذنبه قد يطلقون عليه (الطير الخُداري) وهو أشبه بالببغاء وحجمه أكبر من حجم القمرية بقليل وتكُّو (بالتاء المفتوحة والكاف المشددة مع الضم) اسم صوته الذي يحدثه، فهو مما يكنى بصوته، ومن طبيعة هذا النوع من الطير أنه حين تبيض أنثاه يأخذ في نتف جميع ما عليها من ريش، لكي يحملها على عدم الخروج من العش، غيرة عليها من ناحية، ومن ناحية أخرى لتكون حضانتها للبيض متصلة طول الوقت، وزيادة منه في الاحتياط يقفل العش من جميع الجهات بالحشائش والطين، وتترك منه فتحة صغيرة تتسع له ليمد لها بمنقاره الطعام، وعن طريق هذه الفتحة يأتيها الهواء، وعندما تكبر أفراخه وينبت لانثاه ريش جديد يوسع الفتحة لتطير الأنثى وأفراخها.
وقد يروي الرواة هذا المثل بصورة أخرى فيقولون (حكم أم تكو) مضيفين الحكم للأنثى لأنه وقع عليها.
وغالباً ما يبني هذا الطائر عشه في شجرة الحراز لسهولة ثقبها، لأنه يثقب بمنقاره في أصل الشجرة أو أحد فروعها الكبيرة ويضع عشه هناك. ولا يعرف ذكر من الحيوان أو الطيور يغار على أنثاه كغيرة هذا الطائر، كأنما يعلم أن أنثاه تفتن الذكور سواه.
وهذه العبارة (حكم أب تكُّو لي مرتو) مما انتزع من بيئة الطير ومثله كثير الدوران في أمثال السودان، ثم صارت مثلاً يضرب لكل حكم ظاهر القسوة مع خفاء الأسباب، وقد يوصف به تصرف كل رجل يدعوه الحرص على صون عرضه أن يمنع زوجه أو ابنته من الخروج إلا لضرورة. وهذا كله كان زمان يا أب تكو، ولم يبق لنا من مضمون هذا المثل سوى الحكم الغاشم والسلطان الظالم.
///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////

غُنا
نقروها نقَّارة البركات
عرضو ولاد كمال جوها الدبس قتّات
قول للملك عجيب ما عندي ليك آيات
بلا دق ودبقيع الدكري الكفات
***
أهلي يا عيال موهن عريباً هش
الهُوج بركبو الماصع ليالي الرَّش
شايلين ولدهن فوق الغليد أب كرش
داب من رُوقُو وجنك عمارن طُرش
***
أهلي يا وليد مُوهن عريباً هو
أهلي البركبو الماصع ليالي السو
أهلي البشربو القارص البسند التو
أهلي أل لي رواياهن بسندو الضو
شغبة المرغومابّية
//////////////////
لعبة شعبية
أُم حفيرة
وهي لعبة معروفة في أكثر قرى السودان، وتسمى في أغلب القرى أم حفيرة والعيتنُوبة، والسبب أن اللعبة تقوم على حفرة يركز فيها اللاعب الرئيسي الذي يقف على ناصية اللعب، وتبدأ اللعبة بطريقة القرعة، فالذي تقع عليه القرعة يقف على الحفرة، ويأتي اللاعبون، واللاعب يأتي على رجل واحدة، (يتر) ويحاول زحرحة الواقف على الحفيرة أو الحفرة. فيمسكه اللاعب الواقف على الحفرة ويجذبه بشدة، فإن حركه يقف في مكانه ويصبح بطلاً ويركز على الحفرة ويتجاذبه اللاعبون حتى يخرجوه من مكان ركزته. وإذا قبض الراكز أخرجوه هو من بعد الراكزين الذين خلعوا، ويأخذ اللاعب جزاءه ضرباً بالقمصان إلى أن يصرخ ويجبن فيفكونه, وأخيراً يقفون في صف واحد، ويضعون صرة يعرفها اللاعبون، ويمر الرؤساء على الصف ويضع اللاعب الكبير الصرة تحت رجلي أحد اللاعبين ويأتي رؤساء اللاعبين فيفتشون تحت أرجل اللاعبين، وبعضهم يضع يده في صدر اللاعب والخائف وتحته الصُرة قلبه يضرب وتزداد ضرباته فيجدون الصرة تحت رجليه ويكون هو المغلوب، فيضربونه إلى أن (يتجرّس) ويصيح فينفضون من حوله ويوضع في زمرة اللاعبين المتأخرين، وتكون (جرسته) سبباً لنبذه من اللعب في المرات القادمة.
////////////////////
طب شعبي
السِّينا SINA
وفيات الأطفال ظاهرة منتشرة في كل أنحاء العالم، وبخاصة في المجتمعات المتخلفة، لما يتعرض له الأطفال من أمراض، لم يكن لديهم لها من لقاء الا التعاويذ، إلا بعض العقاقير التي يعالجون بها كل مرض مهما كان نوعه، كما هو الشأن عند الأزاندي في جنوب السودان مثلاً.
والأزاندي لا يتصورون الموت شيئاً طبيعياً، وإنما هو من فعل فاعل، وعادة من فعل السحرة الأشرار، ذلك أن الميت كبيراً يمكن أن يكون له أعداء، أما الأطفال فإن السبب في موتهم يبحث عنه في أشياء سحرية تتصل بالوالدين, فإذا كان الأطفال الذين يموتون ذكوراً قالوا إن للأب سينا (sina)، وإن كانوا اناثاً قالوا إن للأم مثل ذلك.
والسينا عندهم نوع من أنواع البثور يظهر أسود متصلباً على الجلد، وهو ما نسميه (بنقرة الحمار) ولا يعرف مكانه إلا الطبيب الساحر (Binza) الذي يدعى في هذه المناسبة، فيقوم بتحسس جسم الرجل أو المرأة، حيث يعثر على السينا فيقطعه بسكين، ثم يسقي الشخص المصاب به عقاراً من عروق بعض الأشجار مخلوطاً بزيت السمسم حتى لا تعاوده الآفة.
////////////////





ألغاز جديدة
1- شقت المراح، ما قالت أمباح – دي شنو؟
من الغاز الكواهلة.
2- سلقلقي ملقلقي، سلقى لحم، وسلقة عضم, ديل شنو؟
من ألغاز الفور.
3- بب دخل، ؤيب مرق.. ده شنو؟
من ألغاز الرباطاب.
4- كبيشي أبو كضيم، لا عندو فرت ولا عضيم. ده شنو؟
من ألغاز الجعليين.
5- كبيشي ضبحتو ؤقام.. ده شنو؟
من ألغاز التعايشة.
///////////////////////////
حلول وشروح الألغاز السابقة
1/ سدرن كو، وأدلن كو، قديديماتن مثل الرهو. ديل شنو؟ من ألغاز المسيرية، وحله هو (قرون البقر). وسدرن بمعنى طلعن وذهبن إلى الرعي، وأدلن عُدن إلى حظائرهن. أما كو فكناية عن أن القرون صلبة وجافة ولها أطراف حادة تشبه مناقير طيور الرهو.
2/ أما اللغز (شدرة ونّي، البغشاها كلو يغني). فهو من ألغاز الجعليين. وحله هو الإنداية. وشبهها بالشجرة التي تكتظ بالعصافير والحشرات مثل النحل وكل هذا الجمع ـ العصافير والحشرات ـ تصدر أصواتاً مختلفة (ونِّي) أي يشبه الأنين. ومعروف أن الطرب والغناء من توابع السُكر.
3/ أما اللغز (تيي ترتيي أم كريعاتاً ستة، كان قامت جرت مثل الدنيا فنت). فهو من ألغاز المسبعات. أما حله فهو حشرة الخنفساء. وهي سريعة الفناء والموت، شأنها شأن الدنيا التي لاتدوم على حال، بل أن أحوالها وشيكة التقلّب والتغير.
4/ أما اللغز (بقرتي أم ضروع، حناية الفروع، لبنها طاير في الجزاير) فهو من ألغاز الشكرية، وحله هو المطرة، وواضح أن اللغز يشبه المطرة بالبقرة الحلوب الممتلئة الضروع، ومع ذلك فإن لبنها موزع بالجهات كلها شأن الأمطار العامة. كما أن من فعايل الأمطار أنها حين تسقط على الشجر تثني فروعه (حناية الفروع).
5/ أما اللغز (تعشر من ورا، وتلد من قدام. دي شنو؟) فهو من ألغاز الرزيقات وحله هو (البندقية)، فهي تحشى بالذخيرة من خلفها لكنها تفرغها أمامها عبر ماسورتها، وشبه البندقية بالبهيمة وحشوها بالعُشار وخروج البارود منها بالولادة.
6/ أما اللغز (خمسة صبيان سايقين عجلة تنيه. ديل شنو؟) فهو من ألغاز الكواهلة وحله هو أصابع اليد ـ خمسة صبيان، والعجلة هي لقمة الطعام.

7/ أما اللغز (باما باما، دريبات الغنامة. ده شنو؟) فهو من ألغاز الحوازمة، وحله هو حروف الكتابة والترقيم، شبهها بأثر أظلاف الغنم، أما (باما باما) فكناية عن الغموض والتعقيد والتداخل بين الحروف.
8/ أما اللغز (ولِّيك، شقَّ الحله. ده شنو؟) فهو من ألغاز الفور وحله هو (النوم). ورمز إليه بـ (ولِّيك) وهي مفردة لا معنى لها ترمز إلى حيرة الإنسان أمام ادراك كنه الليل وحقيقته.

9/ أما اللغز (صبيان جو من كندرو، سلّلوا سيوفهم ودنقرو). فهو من ألغاز البطاحين وحله هو صقور (الحديّات) وهي طيور جارحة آكلة للحوم تنزل على الجيّف مادّة مناقيرها كأنها سيوف، وكندرو اسم لبلاد وهمية كناية عن البعد والمكان غير المعروف عموماً.
10/ أما اللغز (جملي أب دومات، من وصل البحر مات. ده شنو؟) فهو من ألغاز الرشايدة. وحله هو (الملح) وفيه توضيح لواحدة من خصائص الملح وهو أنه سريع الذوبان في الماء.
///////////////////////
فولكلور ومدونات
عناصر أفريقية في الشعر السوداني المعاصر
د. مصطفى محمد أحمد الصاوي:
إضاءة:0
القضايا المطروحة بشدة على الساحة السياسية لايتم النظر إليها عبر الثقافة لذا دائماً ما تبلغ نهايات درامية لأنها في ظني تم تضع لحديث الثقافة.. نبحث دائماً عن القواسم المشتركة لهذه الأمة فريدة التكوين، ما يهمنا الأدب في السوان لما يتميز من نكهة تبدت في شكل ملامح وعناصر رفدت كافة ضروبه من هذا الشعر.
استعادة المكان:
يقول باشدار إذا وصفت المكان فقد وصفت ساكنيه، والارتباط بالمكان ملمح أصيل، وعنصر ثاوي في تشكيل الشعر، ولعل منبعه تاريخي وحضاري، اضافة إلى مرحلة التحرر الوطني وبروز هموم القارة البكر أبان حركة التحرر الوطني، لذا ليس غريباً أن تقرأ لجمال محمد أحمد (وجدان افريقيا) وكتابات محمد عبدالحي، ود. يوسف الياس وعلي المك وصلاح أحمد إبراهيم على مستوى الشعر مما يعد اشارات للقواسم المشتركة التي فعلت بناء الأمة يتموقع المكان في الصدارة عودة للجذور، وبحثاً عن المنابت، نشير لمحمد مفتاح الفيتوري:
* لك يا أرض انفعالاتي وحزني
* للملايين التي تنقش في الصخر وتبني
* والتي ما فتئت تبدع فني
تتجاوب هذه الدلالة مع (محي الدين فارس) في دعوته افريقيا، واستعادتها:
* أنا لن أحيد
* أنا لست يكبل خطوة ثقل الحديد
* وغداً نعود
* للقرية الغناء للكوخ الموشح بالكروم
هذه الرجعة لأصل التكوين تبدت لدي وعند صلاح أحمد إبراهيم، ومحمد المكي إبراهيم والأخير بالهوية (السودانوية):
* الله يا خلاسية.....
* يا بعض زنجية
* وبعض عربية
(ب) الدين والمعتقدات
يتبدى هذا القاسم المشترك في الشعر أيضاً مثلما تبدى في الأحاجي السودانية كما لاحظه البروفسير حريز ود. أحمد المعتصم الشيخ.. من تداعيات أسطورية، ومعتقدات، وربما شكلت (رواسب) بالمعنى الفلكلوري وهي في نهاية الأمر تشير في فن الشعر لتلاقح الثقافات ومكوناتها:
يقول صلاح أحمد إبراهيم:
* ملوال ها أنا ألحس سنة القلم
* ألعق ذرة من التراب
* أضرب فخذي بيدي
* أقسم بالقبور بالكتاب
وهنا يستدعي (المأثور الشعبي) الكامن في تركيبته الحضارية وعلى هذا النسق يغترف محمد المكي إبراهيم من ذات النبع المعطاء:
* أواه يا أفريقيا من ليلك المديد
* تأخر الفجر وكنا على ميعاد
* تأخرت فرحتنا بالعيد
* لو أننا قذفنا الرب في الدأما
* حل علينا الخصب في موسمه الجديد
وهنا اشارة لطقوس أفريقية حال المرض والجدب والجفاف. ومثل ما سبق كثير ومتواتر في الشعر السوداني منه الإشارات للعراف كما لاحظنا في شعر محمد المهدي المجذوب، وبعض النصوص عكست شخصيته ومنها ما أشارت لعبادة الأسلاف ورؤية الكون:
* الليلة يستقبلني أهلي
* أرواح جدودي تخرج من
* فضة أحلام النهر، ومن
ليل الأسماء
* تتقمص أجساد الأطفال
* تنفخ في رئة المداح
* وتضرب الساعد
* عبر ذراع الطبال
وعودة إلى بدء تلك الملامح هي غوص عميق في الجذور، وبحث دائب عن بوتقة تجمع لاتفرق فيها رؤية كون واستلهام لآفاق لاتنظر للماضي في غضب واقصاء، ورؤية صوب المستقبل لأرض جمعت الكل وأسست قواسم مشتركة لعيش انساني نبيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق